الداخلة الآن
تعد إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بمثابة حصن يحمي الاقتصاد الوطني، وإدارة يقع على عاتقها التوفيق بين ضخ موارد مالية في خزينة الدولة، وحماية المجتمع ومقاولاته وأنشطته التجارية.. إنها القلعة التي تحرس الأمن الاقتصادي، وتسمح بالانفتاح على العالم.
وإذا كان حالها هكذا عموما فبالداخلة هناك تسيبات وتلاعبات وزبونية خطيرة باتت توجه بين الفينة والأخرى لهذه الإدارة التي كانت السبب الرئيسي في انتحار مواطنين تارة وفي اغلاق المعبر الحدودي "الكركرات" تارة أخرى.
ولعل إسم "بدري" بالحدود بات أشهر من اسم "الكركرات" نفسه، فلا تكاد تجد مواطنا بسيطا يشكر له منقبة او تعاون مع بسطاء المواطنين، في وقت حول الحدود لمعبر فسيح لتهريب الاخطبوط وانواع الاسماك ومختلف السيارات الفارهة التي يتاجر فيها عدد من منتخبي الداخلة أصحاب العلاقات المشبوهة مع هذه الإدارة.
حين كان "زهير الشرفي" مديرا للإدارة العامة للجمارك، قال مرة : «ليس هناك تساهل من إدارة الجمارك مع التهريب، كل ما هناك هو تدبير يومي لواقع معقد، إذ نجد أنفسنا أمام رهان التوفيق بين إكراهين، الأول يتجلى في البعد الاجتماعي للتهريب المعيشي، والثاني يتطلب منا ضمان حماية الاقتصاد المهيكل..》. وقد يكون فهم الشرفي لهذا المعطى هو ما كان سببا في سكون الوضع جنوبا وشمالا في أيامه لتتحول ادارته اليوم وفي عصر ابن الادارة الجمركية "نبيل لخضر" الى مسبب للإحتقان بالداخلة.
قد لا نختلف ابدا بالصحراء ان ادارة الجمارك تعمل ويجب أن تعمل على تجنيب هذه الأقاليم خطر السلع الموريتانية والاخطبوط الموريتاني المهرب الذي قد ينسف المنافسة بالسوق الوطنية، غير ان ذلك لا يمنع من فتح الباب أمام تشغيل الشباب الذي يقتات من جلب السلع من العمق الموريتاني، خصوصا اذا كانت سلعا مستوفية للشروط القانونية.
غير أن معضلة ادارة الجمارك بالداخلة تكمل في تحكم منتخبين نافذين فيها، حتى تحولت لإدارة خصوصية بهؤلاء، بينما من واجب المواطن البسيط البحث عن وساطات هؤلاء لتلقي جزء ولو بسيط من التسهيلات التي يتلقاها هؤلاء.
الداخلة الآن وكما سبق لها أن إلتقت بمواطنين عانوا من هذه الإدارة وحيفها وزبونيتها التي باتت حديث القاصي والداني، مطالبين المدير العام للإدارة ببعث لجان تحقيق لإدارته بهذه الجهة وفي أقرب الآجال.