 |
الزاوي محمد سالم |
الداخلة الآن: بقلم محمد سالم الزاوي
يقال أن التاريخ لا ينظر بعين التجرد أحيانا، تماما كما ينظر للسياسة التي لا تنصف ببلادنا غير أولئك الذين روضوها على رغباتهم في حلب ظرع المنفعة وجيب المواطن الذي يقترع ليدفع أكثر من مستقبله بدل السهر على راحته ورفاهه الاجتماعي والاقتصادي.
ولكم افتقدنا بالصحراء للسياسة التي تسوس لنا أمورنا كما نريد فالاحرى أن نحلم بساسة على قدر ما نرجوه من عملية اقتراع اريد لها أن لا تتعدى نصف يوم، بينما تبقى برامجها محصورة في أوراق المطبعات ليستجمعها رجال التنظيف عند المساء.
واذا كانت السياسة بهذا القدر من عدم الأهمية فالأحزاب كذلك بالصحراء لم تكن سوى مجرد شعارات بألوان ومريدين وشيخ طريقة يوجه الناس بطرقه العرفانية نحو حتفهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ما حول مدن الصحراء لواحة فسيحة من المشاريع الفضفاضة والتنمية الطوباوية التي لا تتعدى حلقوم سادة الريع بتلك الربوع.
غير أن الصحراء التي عرفناها على جودها الشحيح في السياسة والساسة، دخلت في أقصى جهاتها جنوبا عالم التحديث مع شاب ركب كفة ميزان الاستقلال ليتربع على رأس الجهة في إنتخابات أقل ما يقال عنها أنها ساحة عراك بين التابعين للدولة العميقة والتابعين لسلطة الشعب في نزال غير متكافئ خرج منه "الخطاط ينجا" دون أعطاب ومحققا نصرا كبيرا على من أرادوا له أن يلبس جبة الإستقالة مبكرا حتى قبل أن يصلي تحية الكرسي الذي منحته له الساكنة بتفوق.
ولأن حزب الاستقلال ظل حزبا للصحراويين منذ استرجاع أقاليمنا الجنوبية والى اليوم، فإن شياع ميزانه يوازي شياع الخيمة في تقاليد المجتمع الحساني، دون أن نمر مرور الباحثين بين ثنايا من وضعهم الحزب سادة السياسة بتلك الربوع، لأن الخطاط ينجا في نظري يجبُّ ما قبله وأكثر بسبب ما أظهره الرجل من حنكة ودراية وثقافة قل نظيرها في سياسيي الجنوب بجمعهم وشتيتهم.
حوالي 5 سنوات مرت على حكم الرجل بمحاكمها وصراعاتها وعواصفها التي كادت تخرجه من المعترك عن عمد ومع سبق الاصرار والترصد، تروم فرض اصحاب الكروت المحروقة على الناس منعا لأي تجديد قد تراه الدولة منافيا لرغباتها ومصالحها العليا، لتقتنع اليوم بأن الرجل بات شخصية وطنية ان لم نقل دولية فاز بها حزب الاستقلال بالداخلة أولا وفازت به جمهرة من اختاتروه ومن لم يختاروه حتى، بل تحول الى المدافع الأول عن حرم الوحدة الترابية بالمحافل الدولية وبلغة جديدة لم تعهدها الدولة في رموز التقليدانية السياسية التي حكمت الأقاليم الجنوبية منذ عقود.
وكما تحد عواصف الشتاء حبيبات المطر دوما، فقد تحول شتاء الداخلة الى مطر مع الخطاط الذي كرس نهجا جديدا في دعم الطبقات الهشة والمعوزة رغم معارضة قدماء الساسة ومن حولوا الداخلة الى ضيعة خاصة، كما قطع الرجل مع مبدأ الترشح لأجل الغنيمة صابا جهده نحو تطوير البنيات التحتية وخدمة المشاريع التنموية التي شد جلالة الملك على أهميتها في تلك الربوع الغالية من الوطن.
اذا خمسة سنين كانت كافية ليقتنع ساكنوا جهة الداخلة وادي الذهب أن حزب الإستقلال بات حزبهم الأول في ظل وجود رمز جديد ووجه سياسي ابتدع في خدمتهم أكثر من ابداعه في خدمة مصالحه الخاصة، ما يجعل حزب علال الفاسي وقادة الحركة الوطنية رقما صعبا في المعادلة السياسة بالداخلة، هذا إن لم نقل أنه الرقم الأوحد في جهة ظلت تحن لسياسيين أكفاء وقادرين على خدمة الناس أكثر من خدمة جيوبهم. ومن غير الخطاط ينجا أقدر على ذلك في قادم السنين.
وما عسانا إلا القول بكل فرح أن ما من متطفل على السياسة تغول إلا كان شانئه هو الخطاط.