الداخلة الآن
عودتنا البروبغندات الاعلامية بالمغرب على توجهها الهادف لمسألتين، الاولى التغطية على حدث ما من خلال خلق حدث موازي يتم فيه إلهاء المغاربة عن واقعهم وحقيقة ما يجري من تدبير كارثي للشأن العمومي، أو خلق بروبغندا تسبق دوما حدثا كبيرا يتم من خلاله جس نبض الشارع لمعرفة ردة فعله على ذلك الحدث.
ان المتابع لما يتم تداوله اليوم حول ملفات المتابعات القضائية التي يحركها المجلس الاعلى للحسابات يقف حائرا أمام الكم الهائل من الاخبار والتفائل الذي يحاذيه من طرف الرأي العام لإنهاء حالة التسيب والفوضى التي تعبث بالمال العام وجعلته رهينة نخبة فاسدة تتداول في المناصب وتحتكرها مثل ما تحتكر الموارد المالية والطبيعية للجهات والاقاليم.
في الصحراء التي لم يكتب في تاريخها منذ استرجاعها في 1975 أن حوكم مسؤول منتخب أو رجل سلطة على أفعاله الاجرامية في حق المال العام وحقوق المغاربة، يدور الحدث حول حملة كاسحة للدولة من أجل محاسبة الفاسدين الذين دخلوا عالم السياسة للإغتناء، حتى بات هذا الميدان مشروعا استثماريا مربحا لنخبة دخلته بخفي حنين وسوف تخرج منه بقناطير الذهب والفضة.
ويبدو أن نفس النخبة لاتزال تستهزئ بما يروج من أنباء حول المحاسبة، بل إن بعضهم يضاعف جهده اليوم لنهب الميزانيات وتمرير الصفقات واشعال الاحتقان أكثر وأكثر دون أن يشعر بذرة خوف من هذه المحاسبة التي يطمئن لغيابها في ظل وجود ما يسمى حالة الاستثناء التي حولت عائلات معروفة الى كارتيلات ثرية تزيد ثراءا يوم بعد يوم فيما تعيش غالبية العائلات الصحراوية على خط الفقر والحرمان.
الاكيد بأن الجميع ينتظر بفارغ الصبر تفعيل مهمة المؤسسات الرقابية ومتابعة لصوص المال العام على غرار ما يجري من متابعة للصوص الشارع العام، غير أن العارف بسيرورة السياسة التي تتبعها الدولة في الصحراء يثبت بشكل مستمر بأن الوضع سيظل على حاله ما لم تكن هناك إرادة حقيقية لقلب ظهر المجن ومحاربة الريع والتسيب الطافح بالصحراء.