الداخلة الآن
كثر الجدل هذه الأيام حول الخطوة المفاجئة التي تبناها البرلمان الاسباني بتصويته على مقترح قانون قدمه حزب "بوديموس" الاسباني المشارك في الحكومة الاشتراكية الحالية، يقضي بمنح الجنسية الاسبانية للمواطنين الصحراويين المزدادين تحت الراية الاسبانية خلال التواجد الاسباني بالصحراء.
وبالرغم من تعدد التفسيرات والقراءات لهذه الخطوة التي خلقت نوعا من التوجس لدى أنصار جبهة البوليساريو فيما أظهرت نوعا من التفاءل والأمل لدى شريحة واسعة من أبناء الصحراء، إلا أنها تفتح تساؤلات عديدة حول توقيتها وأسبابها والمغزى الذي تسعى له المستعمرة السابقة للمنطقة من وراء هذا التصرف.
ففي الوقت الذي يرى متابعون للخطوة أنها جاءت ثمرة نضال قانوني وحقوقي طويل عمل عليه عدد من المحامين الصحراويين بإسبانيا بمساعدة المجتمع المدني الاسباني المتعاطف مع ذوي الاصول الصحراوية، إلا أن هناك من يرى أن القانون يحمل بين طياته إعادة إحياء جديدة للإحصاء الاسباني الذي نظمته مدريد في سنة 1974.
وكان الاحصاء الاسباني قد شمل حوالي 72370 مواطن ومواطنة صحراوية من مختلف القبائل المتواجدة بالمنطقة، حيث شابته عدة إنتقادات ونقائص ظلت تلازمه حتى بعد تبنيه من طرف الأمم المتحدة كمرجعية وحيدة لتحديد هوية المصوتين في إستفتاء تقرير مصير المنطقة بعد نهاية حقبة حرب الصحراء. قبل أن يكتشف المنتظم الدولي بعد ذلك مدى عمق تلك النقائص التي أقصت عددا كبيرا من الصحراويين المتواجدين بالمغرب وأقطار اخرى من بلدان شمال إفريقيا.
ومن الملاحظ حسب متابعين، بأن الخطوة الاسبانية لا تعدو كونها محاولة لإعادة إحياء الإحصاء الاسباني مجددا، ومعرفة عدد أبناء وأحفاد المعنيين من من شملهم الإحصاء القديم، وهو ما يفتح الباب حول نوايا مدريد باللعب على الحبلين في نزاع كانت السبب الاول والاخير في إشعال شرارته وما تبعها من نتائج مدمرة لازالت المنطقة المغاربية تدفع ثمنها الى اليوم.
أما على صعيد اخر فإن الخطوة الاسبانية الجديدة، يراها البعض الاخر مسارا تصحيحيا تتبناه مدريد بعد تبنيها للخطة المغربية الرامية الى منح حكم ذاتي للصحراويين، وهو ما جعلها تثير غضب جبهة البوليساريو والجزائر على السواء، حيث تبدو كبلسم لتضميد جراح الماضي والاعتراف بمواطنيها الصحراويين المزدادين تحت سلطتها الاستعمارية في الاقليم.
وكانت خطوة البرلمان الاسباني قد خلقت توجسا لدى قيادة البوليساريو والجزائر خصوصا وأنها قد تفتح باب الهجرة من المخيمات، وتتيح خيارات اخرى وافاق جديدة للعيش الكريم بالنسبة لأولئك القانطين من نهاية نزاع لم يطوى رغم ما تكبده الصحراويون من معاناة في سبيله. أما المغرب فإن علاقاته الجيدة مع إسبانيا والتقارب الاخيرة في وجهات النظر بخصوص ملف الصحراء قد يجعل الرباط تنظر بعين الرضا نحو تبني هذا القانون مع بعض الريبة من دوافعه وأهدافه الخفية.
فهل تحيي اسبانيا ذاكرتها بالمنطقة، أم وراء الأكمة ما وراءها ؟