الداخلة الآن
هذا عصر ولج فيه المتلبسون بقناع التقوى والبرامج الاجتماعية أوحال الاخنتونية، وصار لهم بعد شعارات خدمة المواطنين حظ من معاقبة المخالفين والمنتقدين، متحصنين خلف مليارات سنين الوفرة وحشود من خريجي مدارس النفاق لم يبقى بهذه المدينة الملعونة غير أوتار التدوين المدفوع الثمن وتصدير "أسواقة" العابرة للقارات.
بالداخلة .!! نعم ومثل سنين النهب ولا حساب . مشاهد تتكرر تكرار شهور السنة والغاية فيها تبرر الوسيلة. إنها المكيافلية في أبهى صورها أين تتحالف جنود الرحمان على وليمة "اللصوصية" باوراش سرابية ليبرروا الإستغناء الفاحش بإسم خدمة القضايا الوطنية. فإذا أتتك قافلة "الصحراوية" فأنتظر قافلة "السامري" ويوم تشتد الأمور على بلادنا في ملف الصحراء فأنتظر قوافل "التنديد" و "التقرير"، فتنوع المسميات حاصل وكل الطرق تؤدي الى هلاك المال العام.
ولايزال المغرب يستثمر منذ سنوات في تسمين وتعليف أبقار الريع التي صارت تشكل دولة داخل الدولة. وتبيع الولاءات من أجل زيادة نفوذها وتحصين نفسها من أي غمامة محاسبة قد تعصف بها في المستقبل. ولعل ذلك ما يجعل قضية الصحراء حصن لمن يرون المنطقة صك ملكية عائلية لهم ولأعقابهم، أما الولاة فهم من يلعب دور إبن نوح بالمنطقة وضريبة ذلك تدفعه الدولة مضاعفا. فالولاة ظلوا ذئابا جائعة يتم إطلاقها من كراج وزارة الداخلية لتعيث في الصحراء فسادا بعيدا عن أي رقابة أو محاسبة. فإذا اتت مذمتهم من نكرة لا حظ له في وطن يتقاسمه معهم فهي الشهادة لهم بالكمال في أعين من عينهم في هذه المدن التي يسري عليها كلام منيف في مدن الملح.
إنها سياسة المخزن كما دأب أهل الصحراء على وصفها كلما أبتلوا بفاجعة من فجائعها. ولعل عدم معالجة تلك الفجائع سيظل يعيدنا لدوامات التنديد الخارجي في كل مرة. فما معنى أن يفتح دكان المقايضات بين المجالس المنتخبة ويتبادل سادتها الصفقات و"الهمزات" هذه الأيام ويشرع باب المزايدة على مصراعيه لمن يزود أكثر على أقدار الناس وأرزاق الجياع بإسم المهرجانات والمنتديات تارة وبإسم الاوراش والبرامج تارة اخرى، وما الذي يعنيه تعطيل أهم ركيزة تنموية وهي ربط المسؤولية بالمحاسبة. على الأقل كما هو الحال في مدن الشمال المغربي ولو بالشكل النسبي، وذلك أضعف الإيمان.
إن ما تعيشه الصحراء عموما والداخلة خصوصا من عبثية ممزوجة بغباء بعض المسؤولين الذين يبيعون "حبوب" منع التنمية للمنطقة وساكنتها. هو أكبر خطر يهدد مستقبلنا في منطقة تتمنع عن الاستثمار في الانسان عدى في كل موعد إنتخابي.
إن الحل للخروج من هذا النزاع المفتعل بالصحراء بيد الدولة وأجهزتها ومؤسساتها وينطلق من مراجعة سياسات مغشوشة لعدم إرفاقها بأي محاسبة أو مساءلة، وكلما استمرت قافلة الفساد في مسيرها كلما إزداد عداء المواطن لمن يديرون مسار القافلة بعد حوالي نصف قرن من تعليف الريع واختصار المنطقة في نخبة تختلس حقوق الناس لتبقى صامدة على ظهر الأغلبية.