الداخلة الآن
بعد 36 يوما من الاحتجاج والاعتصام المفتوح أمام مندوبية الصيد البحري بالداخلة، تخوض تنسيقية الشباب الصحراوي من ملاك القوارب المعيشية اضرابا مفتوحا عن الطعام، قد يتحول الى كارثة إنسانية سببها الرئيس وزارة ضعيفة تسيرها لوبيات نافذة من أرباب أسطول الصيد في أعالي البحار.
فكما يعرف العارفون بشؤون القطاع أن هذا اللوبي هو المتحكم في الكوطة الخاصة بمواسم صيد الاخطبوط، وهو الذي ارغم الوزارة على القبول بحصة الاسد لصالحه من حصص صيد الاخطبوط، حيث استفرد لوحده بحوالي 62 بالمائة من حصة الاخطبوط في المصيدة الجنوبية، بعدما كانت 50 بالمائة، وذلك بعد أن أخذها عنوة من قطاع الصيد التقليدي.
الان وبعد أن بات مخطط 2004 ميتا سريريا، يحاول هذا اللوبي اليوم التعنت بالمركز والاستفراد بقرارات الوزارة، من خلال رفض أي نقاش او حلول عقلانية لإعادة الكوطة المنهوبة من الصيد التقليدي، والمتمثلة في 13 بالمائة من مجموع حصص الاخطبوط، وذلك لخلق رخص جديدة قد تفتح الأمل لأجيال جديدة باتت اليوم ترى في الاضراب عن الطعام سبيلا وحيدا لتخليص نفسها من واقع اجتماعي واقتصادي قاتل.
لقد كانت ثروة الداخلة ولاتزال مختطفة من هذا اللوبي الذي يرى نفسه هو الاقوى وطنيا وجهويا، وقد هدد يوما وزير الصيد البحري بالإقالة في حالة عدم الاذعان لمطلبه، حيث أن الفسيفساء المكونة لهذا اللوبي لا تعدو كونها بضع أسر نافذة بشمال المملكة لا تعرف عن الداخلة وساكنتها غير استغلال ثرواتها وجني ما يزيد عن 800 مليار سنتيم من خيراتها دون استثمار ولو درهم رمزي داخلها، بينما يتم تخوين أبناءها لمجرد مطالبتهم بحقهم في ثروة لم يغيشوا رغدها لأن من إختطفها يرى نفسه هو الدولة بأجهزتها وإدارتها.
إن الشباب الصحراوي بهذه الجهة "المزبية" قديما وحديثا، بات عليه الوعي بما كان ولايزال يحاك ضده من ذوي الجاه والسطوة بقطاع احتكروه لأنفسهم في قصور وفيلات الرباط والدار البيضاء، وأن تحقيق الاستفادة من الرخص يمر حصرا من استرجاع الثروة المنهوبة ومنح حصص اضافية لقطاع الصيد التقليدي بإعتباره المحرك الفعلي لإقتصاد الداخلة ورواجها، بل وصمام أمان في وجه وحش قاتل يسمى البطالة وانعدام الأمل في حياة كريمة.
الداخلة اليوم أمام مفترق طرق يتحمل النصيب الاكبر في تبعاته لوبي الصيد في أعالي البحار وثروة لايزالوا يرفضون إعادتها لأصحابها، على الاقل لإنقاذ حياة مدينة وساكنة مهددة بين الانتحار والمقاربة الأمنية المتوحشة، وكلاهما شبح خطير لا يعلم إلا الله ابعاده وتبعاته على الجهة وأمنها واستقرارها بينما من يملكون الحل يتنعمون في ثروة الجهة ويمنعون الوزارة من ابتكار الحلول لأن في أي حل يخدم الصيد التقليدي إجهاز على حصتهم المقدسة التي لا يقبلون المساس بها.
فهل تضحي الوزارة بحياة شباب المنطقة وزبدة يدها العاملة في سبيل لوبياتها المتسلطة أم أن نفوذ هؤلاء أقوى من الوزارة وأجهزتها ؟.