تلداخلة الآن
بالداخلة، يقف حزبي الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار متراصين كالبنيان المرصوص في وجه المواطن ومنافعه وما وهبه لهم حقهم من ثرواتهم وضرائب اتحدوا على دفعها لأجل رفاهم، بل إن الحزبين لم يستوعبوا بعد عام من الانتخابات، خطابات الملك وتوصياته في خدمة رعاياه بهذه الربوع متناسين أن المجالس التي يحكمونها أسست لأجل خدمة من انتخبوهم وليس العكس.
ففي المجلس البلدي تقاسم الحزبان الأدوار وتبادلوا الكعكعة والصمت عن ما في القصعة من ولائم الصفقات والمشاريع وبرامج وطنية وجهوية، وقد أمعنوا في سياسة "عطيني نعطيك"، وتغاضي الأول عن ما في المجلس الجهوي من رجس، ليعفوا الثاني عن رجس الاول في البلدية، وهكذا تسير التنمية في وحل مصالح الحزبين وزعمائهم وما تعاهد عليه أسياده من تعكير لمسيرة أوراش أطلقها الملك وعطلها منتخبون يسابقون الزمن في عصر الازمات لرفع الهوة بينهم وبين المواطن وطبقات المجتمع بالجهة.
حالة أناركية حولت الداخلة لمدينة "مزبلية" بإمتياز تتلاطمها الازبال بكل شارع وزقاق، والامطار لاتزال تفعل فعلها في بنيتها التحتية، مع واقع صحي وتعليمي يندى له جبين من في باقي جهات المملكة، ولعل هذا ما يجعلنا نتساءل وبحرقة عن من يحاسب حزبي الحظوة و"الحشلفة" عن نسف المال العام بين أرصدتهم ومن يساءل زعماء المجالس الاكثر ثراءا والأضخم ميزانية من أين لهم تلك الأموال والمشاريع الخاصة والبقع العامة وغيره كثير من ما لم يبقى معه للمواطن غير شوارع إسمنتية مهترئة وأزقة منمقة بجبال النفايات والأزبال.
لا أحد يستطيع الاجابة اليوم عن سؤال العبثية هذا، غير أجهزة الدولة نفسها، والتي ترى بعينها حالة المدينة الجهة وقد بلغ فيها الاحتقان مبلغا بات يهدد أمنها واستقرارها مع ما يصاحب ذلك من فساد مستشري بمجالس كان من المفروض ان تكون صمام الأمان في وجه الأزمات، وليس صمام أمان لنخبة مفترسة يقودها منتخبون بسوابق خطيرة في نهب الميزانيات وتهريب الأموال للخارج، فهل القانون يسري فقط على الضعفاء، أم أن حالة الاستثناء بالصحراء إختزلتها الداخلة في كل شئ ؟.
سؤال تتعدد أبعاده كتعدد البرامج والمشاريع التي أعلن عنها المجلسين وثالثهما المتواري خلف ميزانيته الاقليمية الضخمة والمرصودة لشركات حاكمه الفعلي، فأين المصحة الدولية التي أعلنوا عنها وأين تلك الأرقام الهلامية من الأموال التي يبشروننا بها لتحويل الداخلة الى "موناكو" الجنوب المغربي، أم أن النظام الحزبي الثنائي المسيطر على مفاصل المجالس يسير بنا نحو وضع "سطاتيكو" يبقي الداخلة على حالها وينعش خزينة من يدبرون الشأن العام بين قطعان الابل التي ترعى بالمال العام ومشاريع اخرى جديدة سيخرجون بها نحو حياتهم الخاصة دون حسيب أو رقيب ؟.
فمن يساءل الحزبين، أم أن جدار الفساد الحزبي في عصرنا اقوى من أن يهده أحد في مدينة الصحراء والبحر ؟.