ااداخلة الآن
تعاني النساء الحوامل في موريتانيا من سوء معاملة ترتبط بالعادات والتقاليد وجهل بعض العاملات في القطاع الصحي، اللواتي يتعاملن مع الحامل بقسوة، ويتجاهلن حاجتها إليهنّ في هذه اللحظات الحرجة من حياتها. هذا الأمر يهدّد حياة الأمهات في بلد يشهد ارتفاعاً في نسبة وفيّات الأمهات والأطفال حديثي الولادة. وتشير إحصائيّات رسميّة إلى أنّ عدد الأمّهات اللواتي لقين حتفهن وصل إلى 626 لكلّ مائة ألف ولادة. في المقابل، ترى جمعيّات خيريّة أنّ الرقم أعلى بكثير، ويتجاوز 730 وفاة لكلّ مائة ألف ولادة.
وغالباً ما لا تحظى الحوامل بمعاملة جيّدة، خصوصاً في المستشفيات الحكوميّة والبيوت، إذ تفضّل بعض النساء الوضع في المنزل، ما يجعلهنّ تحت رحمة القابلات اللّواتي يستخدمن وسائل غريبة لمساعدة المرأة على الوضع. تجدر الإشارة إلى أنّ تصرّفات كثيرة تبقى طيّ الكتمان، بسبب عدم إفصاح النساء عن معاناتهن أثناء الوضع، فما يهمهنّ هو الخلاص ولاحقاً نسيان كلّ اللحظات الصعبة. كذلك، تُقنع قابلات النساء بأنّ أساليب التعذيب تعدّ طريقة مُثلى للضغط على الحامل وإخراج الجنين قبل أن يختنق.
ونتيجة الجهل وقلّة الوعي، تتجنّب كثيرات الإفصاح عمّا يتعرّضن له أثناء الوضع، خصوصاً من قبل القابلات اللّواتي يحظين بمكانة خاصة في موريتانيا. مع ذلك، تفضّل الغالبيّة الاستعانة بهن، بفعل ضغوط التقاليد الاجتماعية، التي تمنح عملهن مصداقية كبيرة رغم أنّ غالبيتهنّ لا يملكن شهادات طبيّة.
تقول عائشة بنت القاضي، وهي أمّ لثلاثة أطفال، إنّ المعاملة السيّئة التي تلقاها الحامل من القابلات والممرّضات أصبحت أمراً عاديّاً. تضيف أنّه عادة ما يكون همّ النساء في تلك المرحلة الخلاص. وهنّ لا يحبذن تذكّر اللّحظات الصعبة التي مررن بها. بعضهنّ يكنّ تحت تأثير آلام المخاض، حتّى أنهنّ يفقدن وعيهن، فيما تخجل أخريات من الإفصاح عمّا تعانين منه. وترى أخريات أن الأمر طبيعي.
وعن تجربتها، تؤكّد عائشة أنّها تعرّضت للضرب من قبل القابلة التي أشرفت على عمليّة ولادة طفلها الأول. أرادت الإنجاب في المنزل، إلّا أنّ القابلة عاملتها بعنف، واستخدمت وسائل تقليدية في عملية إخراج الطفل، كادت تودي بحياته. وخلال إنجابها طفلها الثالث، لجأت عائشة إلى عيادة خاصّة كلّفتها الكثير، لكنّها لم تتعرض لعنف وتأنيب كما حدث معها في الولادتين السابقتين.